التجربة الإسبانية الدستور والمحكمة الدستورية في إسبانيا

التجربة الإسبانيّة- الدستور والمحكمة الدستورية في إسبانيا

د.ابراهيم دراجي- أستاذ قانون دولي

                كل تجربة يُتاح لنا الاطلاع عليها نشاهدها، ونقرأها، ونرصدها، ونفكر بها بعقلين يعملان معاً بذات الوقت :

                عقلٌ يرصد ويتابع ما يجري ويحاول أن يستوعب، وعقلٌ أخر يحاول ربط ما يشاهده دوماً بالواقع السوري لاستخلاص الأفكار والممارسات الإيجابية والناجحة، والتفكير بمدى إمكانية الاستفادة من تلك التجربة في واقعنا. طبعاً، ليس على طريقة استنساخ دساتير باردة، وجافة، وغير ملاءمة،  وترجمتها بشكل ركيك، ومحاولة تسويقها كما يجري حالياً. وإنّما من خلال محاولة تجنب أخطاء الآخرين لعدم تكرارها، ومحاولة استخلاص ممارسات ناجحة والتفكير بمدى ملاءمتها وتوافقها مع الواقع السوري.

ميزة التجربة الإسبانيّة لنا كسوريين، أن إسبانيا، كسورية، مرّت بحرب قاسية ومدمرة استمرت لسنوات، وباتت مثالاً دموياً على وحشية وهمجية اللجوء إلى العنف لقهر الإرادات وتسوية النزاعات، وهو ما تم تخليده في، إسبانيا، بلوحة فنية تُعدّ من الأشهر على مستوى العالم وهي لوحة غرنيكا (بالإسبانيّة: Guernica) الجدارية للفنان بابلو بيكاسو، والتي استوحاها من قصف غرنيكا، حين قامت طائرت حربية مساندة لقوات القوميين الإسبان بقصف المدينة في 26 نيسان 1937 بغرض الترويع خلال الحرب الأهلية الإسبانيّة. فباتت هذه اللوحة تعرض مأساة الحرب والمعاناة التي تسببها للأفراد، وقد صارت معلماً أثرياً، لتذكّر  دائماً بمآسي الحروب، إضافة لاعتبارها رمزا مضاداً للحرب، وتجسيداً للسلام.

وبعيداً عن هذه اللوحة الفنية فإن ثمة " لوحة دستورية " أخرى يجدر بنا مطالعتها والتفكير بها، وأقصد بذلك الدّستور الإسبانيّ الصادر في العام 1978، والذي أُتيح لنا فرصة الاطلاع على مضمونه، والدخول بنقاشات عميقة حوله مع جهات متعددة في مدريد بمن فيهم أحد عرابيه، فضلاً عن قضاة في المحكمة الدستورية الإسبانيّة، وشخصيات حقوقية أخرى.

أوّلاً ـ ظروف إصدار الدّستور:

يُعدّ الدّستور الإسبانيّ لعام 1978، تتويجاً لعملية الانتقال إلى الديمقراطية الإسبانيّة، حين قام الملك خوان كارلوس، المعروف بشخصيته القوية مدفوعاً بعدم رضاه عن وتيرة الإصلاحات السياسية الديمقراطية في عامي 1976 و 1977، بعزل كارلوس أرياسنافارو، وتعيين المصلح أدولفو سواريز رئيساً للوزراء. وقد نتج عن الانتخابات العامة عام 1977 انتخاب "الكورتيس التأسيسي"، أي البرلمان الإسبانيّ بصفته جمعية دستورية لغرض صياغة وإقرار دستور عام 1978، وإجراء استفتاء وطني عليه في 6 / 12 / 1978 حيث صوت 88 ٪ من الناخبين لصالح الدستور الجديد.

نتيجة لذلك، تتألف إسبانيا حالياً من 17 منطقة حكم ذاتيّ، ومدينتين ذاتيتيْ الحكم، وبدرجات متفاوتة من الحكم الذاتي بفضل دستورها الذي رغم ذلك يؤكد صراحة على وحدة تراب البلاد ووحدة الأمة الإسبانيّة. وفضلاً عن ذلك، لا تمتلك إسبانيا ديناً رسمياً كما تمّ، بموجبه، تعزيز حرية الأديان.

ثمّة درسيْن يُمكن استخلاصهما من تجربة وآلية صياغة الدّستور الإسبانيّ وهما: التعاون وتبني آلية الانتقال الديمقراطيّ.

1 ـ التعاون: إنّ الميزة الأساسية لهذا الدستور أنه جاء نتيجة تعاون بين مختلف الأطراف والقوى السياسية، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والمؤيدين والمعارضين على حد سواء. فلم يتم فيه فرض شروط مسبقة، لا إقصاء، ولا تهميش، ولا رفض لأي شخص أو فكرة، وجاء ثمرة نقاشات "بروح إيجابية حسنة" بهدف تحقيق النجاح للمضي قدماً بالبلاد نحو الأمام وترسيخ السلام. وليس بنيّة التعطيل والإفشال والتأجيل والمماطلة تحت منطق " لتستمر الحرب سنوات طويلة إذا لم نحقق كل ما نريد " كما يفكر " البعض" الآن في سورية.

2 ـ تبني آلية الانتقال الديمقراطي: الجديد في الدستور الذي أخرج البلاد من ديكتاتورية شبه مطلقة نحو ديمقراطية غربية، هو إنشاء المؤسّسات، والتركيز على نظام الحكم الذاتيّ، ومأسسة الأحزاب السياسية والجمعيات، والحق في التماس حجب الثقة عن الحكومة، وإحداث منصب محامي الشعب الذي يتلقى شكاوى المواطنين، ويُصدر تقارير سنوية عن مستوى الحريات الفردية والجماعية في البلاد. وهذا أمر هام ينبغي أن نفكر فيه بعمق أيضاً فهو لم يكن "استنساخاً تقليدياً" لنصوص أو دساتير أو ممارسات سابقة  طُبقت وثبت فشلها وأدت بالبلاد، ضمن عوامل أخرى، إلى ما وصلت إليه.

ثانياًـ الملامح الرئيسة للدّستور الإسبانيّ:

لن أُغرقكم كثيراً بالنصوص، فهي موجودةٌ ومتاحة باللغة العربية لكامل الدّستور الإسبانيّ. سأركز فقط على بعض القضايا الأساسية:

1 ـ شكل النّظام السياسيّ الدّستوريّ:

   على غرار ما اتُبع في انجلترا،اختارت إسبانيا بموجب دستور 1978 "النظام البرلماني التقليدي" كشكل للنظام السياسي، حيث ورد اصطلاح "النظام السياسي للدولة" في المادة الأولى، فقرة 3 من الدستور، وقام بتوضيحه لإضافة عبارة "الملكية البرلمانية"، لتصبح صياغة الفقرة كما يلي "الملكية البرلمانية هي النظام السياسي للدولة الإسبانيّة".

    وقد بيّن الدّستور في المادة 56 منه "بأنّ الملك هو رئيس الدولة.."، والمادة 66 "البرلمان يُمثل الشّعب الإسبانيّ الذي هو مصدر لكلّ سلطات الدّولة "، وهذان الجهازان هما اللذان يُحدّدان الشكل السياسي للدولة، خاصة إذا أضفنا إليهما الحكومة التي توقع بالعطف على أعمال الملك، وتكون مسئولة عنها، وتوجه السّياسة الدّاخلية والخارجية، وتُمارس الوظيفة التنفيذية التي تقع تحت ظلّ السّلطات الرمزية للملك. وهكذا، فإنّ نظام الحكم في إسبانيا ملكيّ دستوريّ، حيث الملكية وراثية، والبرلمان يتألف من مجلسين ويعرف باسم "كورتيسخينيراليس".

   يتألف الفرع التنفيذيّ للسّلطة من مجلس وزراء إسبانيا ويترأسه رئيس الوزراء، والذين يُرشحهم ويعينهم الملك الإسبانيّ، ويمنحهم مجلس النواب الثقة بعد الانتخابات التشريعية. ووفقاً للعرف السّياسيّ الذي أرساه الملك خوان كارلوس منذ التصديق على دستور عام 1978، كان مرشحو الملك من طرف الأغلبية في البرلمان.

   بينما تتكون السلطة التشريعية من مجلس النواب، ويضم 350 عضواً ينتخبون بالاقتراع الشعبي لقوائم الكتل على أساس التمثيل النسبيّ، ولولاية مدتها أربع سنوات. ويضمّ مجلس الشيوخ 259 مقعداً، منها 208 تنتخب مباشرة بالاقتراع الشعبيّ، و51 آخرين يعينهم المشرّعون المحليون، ويخدمون أيضاً لأربع سنوات.

    ما يتوجب ذكره هنا، أنّ النظام الإسبانيّ يقوم على "مبدأي التوازن والتعاون". إذْ يظهر التوازن عندما يكون هناك تداخل بين السلطة التشريعية والتنفيذية، حيث يتجلّى هذا المبدأ من خلال  عدم وجود تبعية قوية، أو هيمنة سيئة لإحداهما على الأخرى. ويظهر مبدأ التعاون بين السلطات من خلال التنصيص على " شبكة" من العلاقات المتبادلة بين الملك والبرلمان والحكومة.

2 ـ دور الملك:

وفقاً للفصل 57 من الدستور الإسبانيّ "ينتقل عرش إسبانيا بالوراثة إلى ورثة جلالة خوان كارلوس الأول دي بوربون، الوريث الشرعي للأسرة الملكية العريقة.."، وهنا ينبغي إبراز ما يلي:

أ ـ يُنظر إلى التاج باعتباره "الجهاز الدّستوري المتوارث"، يتولى من خلاله الملك رئاسة الدولة عن طريق الوراثة بحيث تكون مدة الرئاسة في ظلّه غير محدودة بمدة معينة، وذلك يمنع على أية سلطة في الدولة التدخل في هذا الأمر والحيلولة بينه وبين منصب رئاسة الدولة، إلاّ في حالات خاصة.

ب ـ إنّ التّاج ليس جهازاً فوق الدستور، بل إنّ جميع سلطاته تنبثق من الدستور و القوانين المكمّلة له، و يتولّى مهامه وفق الأُسس و المضامين الواضحة التي ينصّ عليها.

   والملاحظ وفق الدستور الإسبانيّ، أن تدخّل البرلمان يطال كل اختصاصات الملك، ولا يُضعف من مركزه، وإنّما يجعل منه سلطة شكلية أو مؤسّسة رمزية لا تقوم إلاّ بدور الحكم فيما ينشب من نزاع بين البرلمان والحكومة. حيث يُلاحظ على علاقة الملك بالبرلمان بأنها علاقة غير متوازنة تميل لصالح البرلمان، لأنّ هذا الأخير يلعب دوراً خطيراً في عملية توارث التاج رغم أن الدستور حصره في سلالة آل بوربون، خاصةً و أنّ الدستور والقوانين المكلمة لم تمنع السلطة التأسيسية "البرلمان" من القيام بتعديل النّظام السّياسي، أو التراجع عن صلاحيات الملك. ولذلك نجد أنّ البرلمان بعد وضع الدستور قام بتغيير مجموعة من القوانين الأساسية التي تُكمل نظام التوراث والوصاية "ودار الملك"، بالإضافة إلى إلغاء أجهزة ومؤسسات ملكية كانت موروثة على عهد فرانكو، كما أنّ البرلمان يتدخل في كل اختصاص يمارسه الملك، سواء في المجال الوطني أو في المجال الدولي، أو حتى في المجال التشريعي. بالتالي، فإنّ الملك في إسبانيا ما هو إلاّ صورة مجردة ورمز لوحدة الدولة، أما سلطة الحكم الحقيقية فقد انتقلت إلى البرلمان و الحكومة.

               3 ـ إعلاء قيمة الحقوق الإنسانية:

كانت أبرز ما تضمنه هذا الدستور على صعيد الحقوق والحريات:

·       اعتبار الكرامة الجسدية والحريات الشخصية على رأس الأولويات، وقد تمّ تحصين هذا المبدأ بتشريعات متعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام، والسجن المؤبد، وتحريم التعذيب والاعتقال التعسفيّ.

·       ضمان الحرّيات العامة من قبيل حقّ التظاهر، وتأسيس المنظمات المدنية، والسّياسية، وحرية التعبير والصحافة.

·       تبنّي نظام انتخابي على أساس التمثيل النسبي، مع التنصيص الدستوري على المقاطعة كدائرة انتخابية.

·       قصر نطاق عمل القضاء العسكري في المجال العسكريّ، والفصل بين إجراءات التحقيق وإجراءات المحاكمة في القضايا الجنائية.

·       تبنّي نظام لامركزي شبه فيدراليّ، يُتيح للمقاطعات الذاتية الحكم انتخاب برلمانات جهوية، وتنصيب حكومات جهوية، وإدارات محلية مستقلة، مع الاعتراف بخصوصياتها الثقافية واللغوية.

·       حصر إعلان حالة الطوارئ بين البرلمان و الحكومة، ووضع القوات المسلحة تحت السيطرة الكاملة للمؤسسات المدنية.

4 ـ الهوية الوطنية:

    يعترف الدّستور الإسبانيّ لعام 1978 في مادته الثانية بالكيانات التاريخية "قوميات"، وهي كلمة تم اختيارها بعناية من أجل تجنب التسمية "شعوب" المشحونة سياسياً ومناطقياً في إطار الأمة الإسبانيّة. بالنسبة للبعض، الهوية الإسبانيّة عبارة عن تداخل الهويات الإقليمية المختلفة بدلاً من هوية إسبانية وحيدة. وفي الواقع قد تتعارض بعض الهويات الإقليمية مع الهوية الإسبانيّة. الهويات الإقليمية التقليدية المتميزة في إسبانيا تشمل الباسك، وكتالونيا، وغاليسيا، وقشتالة وغيرها.

   رغم ذلك، فالهوية المشتركة بين المستويات المحلية، أو المجتمعات ذاتية الحكم، والصعيد الوطني الإسبانيّ تجعل مسألة الهوية الإسبانيّة معقدة وبعيدة كل البعد عن الإجماع.  ومع ذلك أيضاً، فإنّ كلّ هذه الخلافات والاختلافات التي تصل لحد المطالبة بالانفصال عن الدولة تتم في إطار الدّستور، وضمن مبدأ الخضوع التام لأحكامه، سواء توافقت تلك الأحكام مع تطلعاتهم ومطالبهم، أم لا.

5 ـ  إدارة الخلافات والانقسامات عبر العودة للشعب من خلال نظام الاستفتاء:

   الدّرس الهام الذي ينبغي التفكير به من التجربة الإسبانيّة هو ضرورة العودة للشعب دوماً ليقرر مصيره ويحدد مستقبله بنفسه، ويدير خلافاته وانقساماته أيضاً عبر نظام الاستفتاء وليس من خلال "الإدعاء بتمثيل الشعب المطلق والوصاية الدائمة عليه".  لهذا نجد أنّ الدّستور الإسبانيّ يتضمن أنواع متعددة من الاستفتاءات وتحديداً أربعة منها، وهي:

A.      الاستفتاء الاستشاريّ السياسيّ الوطنيّ.

B.      الاستفتاءات الجهوية و الإقليمية.

C.      الاستفتاءات المحلية.

D.     الاستفتاء حول مراجعة الدّستور.

   دون الدخول بتفاصيل كثيرة أُشير فقط إلى الاستفتاءات الجهوية و الإقليمية، والتي يكون من ضمنها القضايا ذات الصلة بالنظام الأساسيّ للاستقلال الذاتيّ، حيث أنها تُعد من أصعب الآليات وأعقدها لأنها تتطلب إجراءات واستشارات وتراضٍ، لذلك أحاطها الدّستور والقوانين المكمّلة بكثير من الضمانات. على سبيل المثال، أعرض هنا قرار قضائيّ، حديث جداً، أصدرته المحكمة الدستورية الإسبانيّة يوم الثلاثاء 14 / 2 / 2017، حيث ألغت تلك المحكمة  قراراً أصدره برلمان كاتالونيا يدعو الى إجراء استفتاء على استقلال المنطقة هذا العام، بعد أن كان برلمان كاتالونيا، الإقليم الغني شمال شرق إسبانيا، الذي تهيمن عليه غالبية من دعاة الانفصال عن إسبانيا،  قد تبنى القرار في تشرين الأول الماضي وتعهد بإجراء الاستفتاء في أيلول 2017. ولكن بعد تعليق القرار في كانون الأول الماضي، قالت المحكمة الدستورية في مدريد الثلاثاء أنها ألغت القرار جملة وتفصيلاً وصنفته على أنه "غير دستوري".

               5 ـ إحداث منصب أمين المظالم:

    وهو منصب دستوري مستقل، يُختار شاغله من قِبَل مؤتمر النوّاب ومجلس الشيوخ. وأمين المظالم هو المفوّض البرلماني السامي المسؤول عن الدفاع عن الحقوق الأساسية، والحريات العامة. ويمكن أن يتصل أي مواطِن بمكتب أمين المظالم ويطلب خدماته مجاناً للتحقيق في أيٍ من أنشطة الموظفين العموميين التنفيذيين. ويرفع أمين المظالم التقارير إلى البرلمان عن طريق تقرير سنويّ، ويمكن أيضاً أن يقدِّم تقارير عن قضايا معيّنة يلزَم الانتباه إليها.

ثالثاً ـ حقوق المرأة وقضايا المساواة الجندرية في الدستور الإسبانيّ:

          1 ـ فيما يتعلق بإقرار المساواة وعدم التمييز:

   يتأسّس الإطار العام للمساواة في دستور عام 1978 من خلال ثلاث مواد أساسية ( المواد 1، و9، و14)، والتي تقر بالمساواة بوصفها قيمةً، ومبدأً، وحقاً. إذ تنصّ هذه المواد على أنّه:

أ‌.         تقوم إسبانيا على أساس دولة حقّ وقانون، اجتماعية وديمقراطية، تدافع عن الحرية، والعدل، والمساواة، والتعددية السّياسية كقيم سامية لنظامها القانوني (المادة1،فقرة 1).

ب‌.    تضطلع السلطات العمومية بمهمة تهيئة الظروف الملائمة حتّى يتمتع الفرد والجماعات التي ينتمي إليها بالحرية والمساواة بشكل حقيقي وفعلي. كما تضطلع بمهمة تذليل العقبات التي تقف في وجه الحرية والمساواة، أو تُقلّصها، ومن مهامها أيضاً تسهيل مشاركة كلّ المواطنين في الحياة السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية (المادة 9 ،فقرة 2 ).

ت‌.    الإسبان سواسية أمام القانون، ولا يمكن أن يسود أي نوع من التمييز بسبب الأصل، أو العرق، أو الجنس، أو الدّين، أو الرأي، أو بسبب أي اعتبار آخر، أو وضع خاصّ أو اجتماعيّ (المادة 14).

علماً أنّ القانون الأساسي رقم 3 لعام 2007 المؤرخ 22 آذار المتعلق بالمساواة الفعلية بين الرّجل والمرأة، يُعرّف في مواده، ضمن أمور أخرى، المفاهيم المختلفة المتعلقة بمبدأ المساواة، أو بالتمييز المباشر وغير المباشر القائم على أساس نوع الجنس. وقد أُدخل تحسين في تعريف التمييز تمثّل في إعادة صياغته في ضوء الاجتهادات القضائية المنبثقة عن أحكام صادرة عن المحكمة الدستورية، والمحكمة العليا، ومحاكم العدل العليا في المقاطعات المتمتعة بالحكم الذاتي. وأسفرت جميعها عن صياغة مذهب دقيق في معنى المساواة والحق في عدم التعرّض للتمييز على أساس نوع الجنس.

            2  ـ التأكيد دستورياً على بعض الحقوق:

ثمّة مواد أخرى في الدستور الإسبانيّ تُرسي حقوقاً محدّدة، كتقلُّد الأدوار والمناصب العامة، وكذلك بعض الواجبات والحقوق في مجال العمل أو الزواج. من ذلك على سبيل المثال:

أ‌.         يحقّ للرجل والمرأة أن يتزوجا في إطار المساواة القانونية التامة (المادة 32، فقرة 1).

ب‌.    العمل واجب على كلّ الإسبان، ويحقّ لهم أن يشتغلوا وأن يختاروا مهنتهم أو وظيفتهم بحرية، ومن حقهم أن تتم ترقيتهم عن طريق العمل، وأن يحصلوا على التعويض الكافي لسد حاجياتهم وحاجيات ذويهم، ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن يتم التمييز بين الرجل والمرأة في هذا الباب (المادة 35، فقرة 1).

ت‌.    تضمن السلطات العمومية أيضاً، الحماية الكاملة للأبناء، وكذلك الأمهات كيفما كانت حالتهن المدنية (المادة 39، فقرة 2).

ث‌.    يحقّ للمواطنين أن يتقلّدوا المناصب والوظائف العمومية على قدم المساواة إذا استوفواالشروط التي ينصّ عليها القانون (المادة 23، فقرة 2).

             3 ـ كيفية انعكاس هذه النصوص الدستورية على واقع المرأة:

                أعرض هنا فقط بعض الأرقام المتاحة والتي تشير إلى التالي:

·       تشكل النساء اللائي يشغلن منصب الوزير 30.77 في المائة من إجمالي مجلس الوزراء.

·       في كانون الأول 2012، وفيما يخصّ الهيئات الكبرى والمناصب العليا في الجهاز الإداري الوطني، كانت النساء تشغلن 32.59 في المائة من هذه المناصب مقارنة بنسبة 28.74 في المائة في عام 2008؛ وتشمل هذه المناصب العليا في الهيئات العامة التي تتولى الحكومة تعييناتها، بما فيها المناصب التي لا تكون لها تصنيفات إدارية محددة.

·       بخصوص البرلمان، تُشكّل نسبة النساء المنتخبات لعضوية مجلس النواب 36 في المائة من إجمالي مقاعد المجلس.

·       في مجلس الشيوخ، تُمثل نسبتهن المئوية في البرلمان  33.33 في المائة.

·       في تموز  2012، تم لأوّل مرة انتخاب امرأة لمنصب أمين المظالم.

·       يتزايد باطراد أيضاً عدد نائبات إسبانيا في البرلمان الأوروبي. ويشكل عدد النساء اللائي انتُخبن في عام 2009 لتمثيل إسبانيا في البرلمان الأوروبي نسبة 36 في المائة من المقاعد المخصصة لإسبانيا. وكانت هذه النسبة تبلغ 33.3 في المائة في عام 2007.

·       تحققت أيضاً زيادة في مشاركة المرأة في النظام القضائيّ، وبخاصة في محاكم الشخص الواحد. غير أن نسبتها لا تزال أقل بكثير في الهيئات الفنية للنظام. ففي المحكمة العليا، تشغل النساء 13 في المائة من المناصب، فيما تشغلن 32 في المائة من مناصب المحكمة الوطنية العليا ومحاكم العدل العليا.

·       تُظهر معدلات الانتظام الدراسي للفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 16و18 عاماً ارتفاعاً عن معدل انتظام الفتيان في نفس المرحلة العمرية، وإن لم يتجاوز الفارق بينهما نسبة 6 في المائة.

·       تمثل النساء 51.16 في المائة من إجمالي الحاصلين على درجات جامعية، وتمثل النساء أغلبية الالتحاق بالجامعات في جميع فروع الدراسة، باستثناء الدرجات العلمية التقنية.

·       في عام 2012، شكّلت النساء 45.65 في المائة من القوى العاملة، ومثّلت على التوالي 45.42 في المائة من العاملين، و46.29 في المائة من المتعطلين عن العمل، و 59.73 في المائة من غير العاملين. لكن دوماً يُوجد فجوة الأجور بين الجنسين حيث تبلغ 17.8 في المائة، وهو فارق أعلى من المتوسط في الاتحاد الأوروبيّ.

·       القوات المسلحة الإسبانيّة تندرج ضمن القوات المسلحة للبلدان الغربية المتضمنة لأعلى نسبة مئوية لتمثيل المرأة (حيث تُشكّل النساء نسبة 12.4 في المائة من هذه القوات).

               4 ـ عيوب ونواقص جندرية:

                كثيرٌ من الشخصيات النسوية اللواتي تم اللقاء بهن في مدريد كنّ غير راضيات تماماً عن واقع المرأة في الدستور الإسبانيّ، وكان لهن ملاحظات عديدة على هذا الدستور أبرزها:

أ‌.         تجاهل اللغة الجندرية الغائبة تماماً عن مفردات الدستور ومصطلحاته.

ب‌.   غياب أي إشارة إلى "التدابير الخاصة المؤقتة" أو استراتيجية شاملة لتنفيذ تلك التدابير من أجل تحقيق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل في جميع المجالات التي تعاني فيها المرأة من نقص التمثيل أو من الحيف. وتحديداً فيما يتعلق بزيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وفي الحياة العامة على جميع المستويات.

ت‌.    وجود نصوص تمييزية: يتمّ الإشارة تحديداً هنا إلى الفقرة1من المادة 57، والتي لا تكفل مساواة الرّجل والمرأة دستورياً في وراثة التاج. إذ تنصّ هذه الفقرة على أنّه "ينتقل عرش إسبانيا بالوراثة إلى ورثة جلالة خوان كارلوس الأول دي بوربون، الوريث الشرعي للأسرة الملكية العريقة، وينتقل العرش تبعاً للترتيب الطبيعيّ للذرية، وللترتيب التنازليّ للوراثة، مع إعطاء الأفضلية دائما للسابق من الذرية على اللاحق منها، ومن نفس الذرية يُفضّل الفرع الأقرب على الذي يليه، وفي نفس الفرع تعطى الأفضلية للذكر على الأنثى، وفي نفس الجنس يؤول الملك للشخص الأكبر سناً".

   هنا تقول الحكومة الإسبانيّة أنه سبق أن أجريت مناقشات منذ عدة سنوات بشأن إمكانية إجراء تعديلات دستورية تتعلق بأربع قضايا، هي: (أ) القضاء على التمييز ضد المرأة في وراثة التاج. (ب) إدراج أسماء المقاطعات المتمتعة بالحكم الذاتي. (ج) إجراء إصلاحات في مجلس الشيوخ. (د) مواءمة نص الدستور مع ما يُنتظر أن يكون عليه الدستور الأوروبي. وقُدمت المسألة للوكلاء والخبراء السياسيين للنظر فيها، وطُلب أيضا إلى مجلس الشيوخ تقديم تقرير في هذا الخصوص. وفي نهاية المطاف، لم تسفر هذه الجهود عن التوصل إلى تنفيذ التعديل بسبب عدم وجود توافق سياسي.

   وتُبرر هذا بأنه يستصوب في تنفيذ أي تعديل دستوري ليس فقط توافر موافقة إجماعية من جانب القوى السياسية في الدولة فيما يتصل بالقواعد التي يقوم عليها مجمل النظام القانوني، بل ضرورة أن يحظى التعديل أيضاً بالدعم من جانب أغلبية كبيرة في البرلمان الإسبانيّ حتّى يمكن إقراره من الناحية الرسمية. وفي ظروف معينة، يكون من الضروري تحقيق أغلبية برلمانية تفوق ذلك بكثير، وقد ينتهي الأمر إلى حلّ البرلمان حتّى يمكن مجدداً طلب الحصول على موافقة ثلثي غرفتي البرلمان الجديد، ثم طرح القرار للاستفتاء في نهاية المطاف. وهذا التعديل الذي ينطوي على أعباء شديدة يلزم تطبيقه بشأن التنظيم الدستوري لخلافة العرش. ويُقصد بهذا النهج عدم إجراء أي تعديلات في أمور تُشكّل محاور النظام الدستوري دون أن تحظى بدرجة عالية من التوافق السياسي، وهي مسألة غير قائمة في الوقت الراهن.               علماً أنّ الدستور الإسبانيّ نفسه لا يمنع تولي مرأة منصب الملكة إذا لم يوجد ذكر، في نفس الفرع، بدليل نص المادة 58 من الدستور ذاته والتي تنص على أنه " لا يمكن لزوجة الملك أو لزوج الملكة أن يشغلا أي منصب دستوريّ عدا ما ينصّ عليه نظام الوصاية".

   كما أنّ هذا الدستور لا يحول دون تولي الأم الوصاية على ابنها الملك القاصر بموجب الفقرة 1 من المادة 59، والتي جاء فيها "إذا كان الملك قاصراً، يُمارس الوصاية مباشرة قبل بلوغه سن الرشد أبوه أو أمه..".  وبالتالي، فإنّ المشكلة في الدّستور الإسبانيّ ليست في "إقصاء" النساء كليّة عن تولي العرش بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وإنّما في تفضيله الذّكر على الأُنثى عند التساوي في نفس فرع الوراثة. وهو نقد جوهري تتعرض له إسبانيا دوماً في المحافل الدولية.

          رابعاً ـ المحكمة الدستورية الإسبانيّة:

     لقد كان من بين الإصلاحات الدستورية التي ميزت فترة أواخر السبعينيات من القرن الماضي إنشاء قضاء دستوري مستقل، تجلّى بالمحكمة الدستورية.

       1 ـ تشكيل المحكمة وضماناتها:

     تنصّ المادة 159 من دستور 1978 على: تتكون المحكمة الدستورية من 12 عضواً يُعينون من طرف الملك، أربعة باقتراح من مجلس النواب، و أربعة من اقتراح مجلس الشيوخ ( الكورتيس ) و عضوان من الحكومة، و عضوان من مجلس العام للسلطة القضائية. كما تنص المادة 204 من القانون الداخلي لمجلس الشيوخ على ما يلي:  "ف1: يختار مجلس الشيوخ أربعة قضاة في المحكمة الدستورية، و يعرضون على الملك ليعينهم وفق المادة 159 من الدستور، ويمكن لكل فريق برلماني أو عشر أعضاء، تقديم أكثر من مرشح كاقتراح لتغطية المناصب من الذين تشملهم الشروط المنصوص عليها في هذا القانون".

    من بين ضمانات حماية حقوق الأفراد وحرياتهم انطلاقاً من تشكيلة وتنظيم المحكمة الدستورية، نجد مسألة عدم قابلية أعضاء هذه المحكمة للعزل، وهذا يعني أنّ عضو المحكمة الدستورية لا يمكن عزله أو إقالته قبل نهاية ولايته مادام يتوفر على الشروط.

   كذلك من مظاهر حماية الحقوق والحريات من وجهة تشكيلة هيئة المحكمة الدستورية، مسألة الاستقلال المادي للأعضاء. فالاستقلال المادي يعدّ مدعماً للاستقلال المهني والفكري للقضاء، حتّى لا يخضعوا لأي تأثير وإغراء، ولهذا تتنافى العضوية في المحكمة الدستورية مع كل انتداب تمثيلي، ومع المناصب السياسية أو الإدارية، ومع أداء وظائف توجيه في الحزب السياسي أو النقابة و العمل لمصلحتها، وممارسة سلك القضاء و النيابة العامة أو أي نشاط تجاري أو مهني. (الفقرة 4 من المادة 159 من الدستور). من جهة أخرى، يتمّ منح قضاة المحكمة تعويضات توازي التعويضات الممنوحة لأعضاء البرلمان، كما ُيُمنح رئيس المحكمة نفس التعويضات والامتيازات الممنوحة لرئيس مجلس البرلمان.

      2 ـ اختصاص المحكمة و آلية اللجوء لها:

      وفقاً للمادة 161 من الدستور الإسبانيّ، تتمتع المحكمة الدستورية بسلطة قضائية تشمل التراب الإسبانيّ برمته، ولها صلاحيةالنظر في:

أ‌.         الطعن في قوانين وأحكام قانونية تم تنزيلها بمرتبة القانون لعدم دستوريتها.

ب‌.    التظلم بسبب خرق الحقوق والحريات الواردة في الفصل 53، الفقرة 2 من هذا الدستور.

ت‌.    النزاعات حول الصلاحيات بين الدولة ومناطق الحكم الذاتيّ، أو فيما بين هذه المناطق.

ث‌.    يحقّ للحكومة أن تطعن أمام المحكمة الدستورية في المقتضيات والقرارات التي تتخذهاأجهزة مناطق الحكم الذاتي.

أمّا بالنسبة للجوء للمحكمة فقد بيّنت المادة 162 من الدستور أنه يحق قانوناً:

أ. التقدم بالطعن بسبب عدم دستورية القوانين:

- لرئيس الحكومة.

- للمدافع عن الشعب/ أمين المظالم.

-لخمسين عضواً من مجلس النواب، وخمسين عضواً من مجلس الشيوخ.

-لمجموع الهيئات التنفيذية لمناطق الحكم الذاتيّ، وإذا اقتضى الحال للجمعيات التشريعية التابعة لمناطق الحكم الذاتيّ.

ب‌.    التظلّم بالنسبة لأيّ شخص طبيعيّ أو اعتباريّ يدافع عن مصلحة مشروعة، وكذا بالنسبة لمحامي الشعب، والنيابة العامة.

    في الأدبيات الدستورية الإسبانيّة يتم الاستشهاد بقصة طعن  تقدمت به إحدى المعلّمات بعد اعتماد الدستور في العام 1978، وهي  قصة معلمة بإحدى مدارس الراهبات الكاثوليكية الابتدائية بإقليم كاتالونيا. فذات يوم، تجرأت المعلمة  وصرحت، لأحد معارفها، أنها ليست كاثوليكية. كان هذا كافياً بأن تستلم بعد يومين رسالة من المعهد تفيد بفصلها، ولو أن الطرد علل بأسباب أخرى غير محددة. رفعت المعلمة شكوى ضدّ معهدها وحكمت لها المحكمة، لكن دون التعمق في الحيثيات، فرأت المعلمة أن ذلك غير كاف وقررت الوصول إلى آخر ما يمكن الوصول إليه. مبررةّ ذلك بأن " كلّ هذا كان موجوداً في عهد فرانكو، فأين التجديد؟".

   وبحثاً عن الإحساس بوجود تغيير، رُفعت قضيتها إلى المحكمة الدستورية، لترى إن كان الدستور صالحاً حقاً ويمكن لأي مواطن أن يستفيد منه. فحكمت المحكمة الدستورية بوجوب الاعتراف للمواطنة بحقها في حرية المعتقد وبعدم التعرض إلى أي تمييز لأسباب عقائدية، واعترافاً بحقوقها تلك يجب اعادتها إلى وظيفتها.

   أختم أخيراً بالإشارة إلى أنّ الدّرس الأبرز الذي استخلصناه من التجربة الإسبانيّة هو أن العبرة ليست بالنصوص مهما كانت قويةً ومثالية، وإنّما بالتطبيق الحقيقيّ والفعّال، وأستشهد هنا بحكم قضائيّ حديث صدر بتاريخ 6/2 / 2017 حين أمر القضاء الإسبانيّ شركة طيران اتخذت إجراءً عقابياً بحق موظفة بسبب ارتدائها الحجاب بالتعويض على هذه الموظفة، والسماح لها بالعمل وهي محجبة، معتبراً أن ارتداء الحجاب يتعلق بحرية العبادة المصانة في الدّستور، وفي قرارها الصّادر في 6 شباط 2017، اعتبرت محكمة الشؤون الاجتماعية في بالما دي مايوركا، أنّ البند 16 من الدستور الإسبانيّ يضمن الحق في حرية العبادة، وبالتالي فهو يسمح لهذه المرأة بأن تغطيّ شعرها حتّى وإن كان غطاء الرأس لا يتفق والزيّ الرّسميّ المعتمد في عملها. وأمرت المحكمة شركة "اكسيونا لخدمات المطار" التي تعمل لديها هذه الموظفة بأن تدفع للأخيرة تعويضَ عطل وضرر قدره ثمانية آلاف يورو، يضاف اليها حوالي 4500 يورو كانت الشركة حسمتها من راتبها في سبع إجراءات عقابية اتخذتها بحقها بسبب ارتدائها الحجاب، علماً أنّ هذه الموظفة الإسبانيّة هي ابنة مهاجر مغربيّ، وتعمل لدى الشركة منذ 2007 وهي لم تكن محجبة، ولكنها أبلغت أحد رؤسائها في العمل برغبتها بارتداء الحجاب فسمح لها بذلك مؤقتاً بانتظار الحصول على موافقة نهائية من المقر الرئيسيّ في مدريد، ولكن المقر الرئيسيّ رفض في النهاية طلبها، معتبراً أنّ الحجاب لا يشكل جزءاً من زي العمل الرسميّ، وينال بالتالي من "طابعها المهني". الموظفةرفضت قرار شركتها، فكان عقابها سلسلة إجراءات اتخذت بحقها، وصولاً إلى تعليق دفع راتبها لارتكابها "خطأً فادحاً"، وهو ما نقضه حكم المحكمة.

   نقطة الأمل في التجربة الإسبانيّة أنها مرّت بظروف سيئة مثلنا "وأكثر"، وعرفت حروباً، وتجاوزات، وجرائمَ، وانتهاكات كما يحدث في بلادنا حالياً، وربما أكثر. وبرغم ذلك، فقد نجحت بتجاوز مآسيها واستعادة مكانتها لتكون "من ضمن الأفضل". وإذا كان بيكاسو قد رسم لوحة "غرنيكا" ليخلّد الحرب منذ عقود، فإنها باتت حالياً ترمز للسلام الذي ننتظره ونعمل عليه لأجل سورية.