التكيف القانوني للمضائق الدولية مع أخذ مضيق هرمز كنموذج

التكيف القانوني للمضائق الدولية

(هرمز نموذجاً)

 

المحامي علي العلوني

 

أثارت تصريحات الرئيس الإيراني "حسن روحاني" الأخيرة حول إغلاق مضيق هرمز في حال عدم شراء النفط الإيراني جدلاً واسعاً بين القانونيين حول قانونية هذا التصرف من وجهة نظر القانون الدولي من جهة، وأحقيته لإيران سيادياً من جهة ثانية.

فإيران تعتبر المضيق كله يقع ضمن مياهها الإقليمية وبالتالي هي صاحبة السيادة الفعلية عليه، ولها حق التصرف بما تراه وتعتبره مصلحة وحقوق سيادية عليا، إضافةً إلى استخدامه ورقة ضغط للتحصيل السياسي.

أما وجهة النظ رالأخرى فتقول أن حق المرور البريء أو العابر للسفن على السواء مكفول في المضائق الدولية، بموجب اتفاقية قانون البحار لعام 1982. وليس باستطاعة إيران، منع السفن من المرور وممارسة سيادتها الإقليمية على المضيق.

من هنا، تبرز الضرورة إلى أهمية التعرف على المضائق وتعريفها، ومتى يعتبر الممر المائي مضيقاً، إضافةً إلى حق المرور البريء في المضيق، والتمييز بينه وبين حق المرور العابر وفق اتفاقية الأمم المتحدة للقانون البحار، وأخيراً التكييف القانوني لوضع  مضيق هرمز ونظام الملاحة فيه وفق الخطة الآتية:

القسم الأول:

ماهية المضيق وتعريفه.

أنواع المرور المقرر في المضيق الدولي.

القسم الثاني:

الوضع القانوني لمضيق هرمز.

ملحق: (اتفاقيةالأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982)

 

القسم الأول

أولاً: ماهية المضيق وتعريفه:

تعتبر المضائق من الممرات المائية waterways  وهي تلك الفتحات التي توصل بين بحرين، وهي إما طبيعية وتسمى مضائق، وإما صناعية تسمى قنوات. وعليه يعرف المضيق بأنه: "ممر بحري طبيعي يصل بين جزأين من أعالي البحار". لذلك لكي يعتبر الممر المائي مضيقاً يجب أن يحقق شرطين أولهما: أن يكون طبيعياً، وثانيهماً: أن يصل الممر الطبيعي بين جزأين من أعالي البحار.

بعد دخول القانون الدولي للبحار مرحلته الاتفاقية بعد 29 نيسان\ابريل 1958 وكامتداد لتعريف المضائق عرفت (المادة 16 الفقرة 4) من اتفاقية جينيف للبحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة لعام 1958 المضيق بأنه: "الممر المائي الذي يخدّم الملاحة الدولية ويصل جزءاً من البحر العام بجزء آخر للبحر الإقليمي لدولة أجنبية".

ثم جاءت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 -الأكثر تطوراً- بعد تطور القانون الدولي للبحار بشكل عام  ووضعت تعريفاً شمولياً للمضائق الدولية في المادة\37\ من الاتفاقية على الشكل الآتي: "المضائق المستخدمة للملاحة الدولية بين جزء من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة وجزء آخر من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة".

يتبين لنا من تعريف اتفاقية جينيف لعام 1958، واتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 أنها وضعت شرطاً ثالثاً لاعتبار الممر المائي مضيقاً دولياً وهو أن يكون هذا الممر صالحاً للملاحة الدولية.

ونلاحظ أيضاً من التعاريف المقننة للمضيق أن الفقه والقانون الدولي درجا على تقسيم المضائق إلى ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: المضائق التي يجعلها موقعها الجغرافي تصل بين أعالي البحار من جهة ومياه داخلية من جهة أخرى. وينطبق هذا التصنيف على مضيق كرتش الذي يصل بين البحر الأسود وبحر زوف، وهذا النوع من المضائق إما أن يقع كلياً في إقليم دولة واحدة، أو أن يقع المضيق ضمن منطقتي سيادة لدولتين ساحليتين بالكامل. فبالحالة الأولى فإن المضيق بطبيعة الحال يقع ضمن إقليم الدولة الساحلية بوصفه جزءاً من بحرها الإقليمي، وبهذا تمتد عليه سيادة الدولة الساحلية كاملة ويطبق عليه في هذه الحالة نظام المرور البريء.أما في الحالة الثانية: فالمضيق لا يصل ولا يتصل بأعالي البحار ويطبق على السفن التي تجتاز المضيق قانون المرور البريء وفق قوانين وأنظمة الدولة الساحلية التي يكون المرور من جانبها لأن هذا الاجتياز هو مرور بريء في المياه الإقليمية.

الصنف الثاني: المضائق التي تصل بين بحرإقليمي لدولة ما والبحار العالية، وفي هذه الحالة تطبق القاعدة العامة التي وردت في المادة (16 الفقرة 4) لاتفاقية جينيف للبحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة لعام 1958 ويطبق أيضاً على هذا النوع من المضائق نظام المرور البريء. ولكن، اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 استثنت هذا النوع من المضائق المستخدمة للملاحة الدولية ولكنها أقرت تطبيق نظام المرور البريء على السفن في أثناء تجاوزها هذا النوع من المضائق وليس نظام المرور العابر.

الصنف الثالث: المضائق المستخدمة للملاحة الدولية التي تصل بين جزأين من أعالي البحار أو بين منطقة اقتصادية خالصة وجزء آخر من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة، وهذا النوع من المضائق ينطبق على اجتياز السفن له لأغراض الملاحة الدولية بكل الأنواع نظام المرور العابر.

بعد أن اطلعنا على تعريف المضائق وفق الاتفاقات الدولية الناظمة لموضوع البحار، وجب أن نتعرف على تعريف محكمة العدل الدولية للمضائق، تبعاً للقضية المعروفة بقضية (مضيق كورفو) الذي يقع في ألبانيا، وخاصةً أن قضية المضيق هي أول قضية تعرض على محكمة العدل الدولية بعد إنشائها.

تتلخص وقائع القضية التي استوحت منها محكمة العدل الدولية التعريف: أن المدفعية الساحلية لألبانيا قامت بإطلاق قذائف مدفعيتها على سفينتين حربيتين تابعتين لبريطانيا في أثناء مرورهما في المياه الإقليمية لألبانيا في مضيق كورفو بتاريخ 15 أيار\مايو 1946، وتبعاً لذلك أرسلت الحكومة البريطانية مذكرة احتجاج إلى ألبانيا في 2 آب\ أغسطس 1946، تشرح موقفها بشأن المرور البريء في المضائق داحضةً وجهة نظر ألبانيا التي اشترطت الحصول على إذن مسبق، ومؤكدةً عدم اعتراف بريطانيا بأي حق لألبانيا في وضع أي شروط على حركة المرور في المضيق، ومتمسكة بحقها في المرور البريء في المضائق الدولية التي تكون طرقاُ للتجارة البحرية الدولية بين جزأين من أعالي البحار، ووجهت بريطانيا في نهاية المذكرة إنذاراً إلى حكومة ألبانيا بأنه في حال فتحت بطارياتها النار على أية سفينة من السفن البريطانية عند عبورها لمضيق كورفو فإنها ستعامل بالمثل.

وفي 22 تشرين الثاني\أكتوبر أرسلت بريطانيا سفينتين حربيتين بغرض التأكد من الاجراء الذي ستتخذه ألبانيا، وعند دخولهما البحر الإقليمي لمضيق كورفو تعرضت المدمرتان لأضرار شديدة بسبب ارتطامهما بألغام بحرية، وتركت الحادثة وراءها 44 ضحية بريطانية. بعد ذلك قامت بريطانيا بالكشف عن الألغام بواسطة كاسحات ألغام بريطانية في المضيق، وتبين أن الألغام من صنع ألماني، كما تبين من الشهود الذين شاهدوا عملية زرع الألغام أنها وضعت قبل عبور السفن الحربية البريطانية بوقت قصير.

أُحيل النزاع إلى مجلس الأمن الدولي الذي أوصى بعرضه على محكمة العدل الدولية بوصفه نزاعاً قانونياً، وقد نظرت المحكمة بالموضوع بتاريخ 25 آذار\مارس 1948 بناء على اتفاق الطرفين وقررت في 9 نيسان\ابريل 1949 مسؤولية ألبانيا عن الأضرار التي نتجت عن انفجار الألغام البحرية في المضيق، وما سببته من خسائر وأضرار لأنها لم تعلن عن وجودها، وهي ملزمة بذلك لصالح الملاحة الدولية.

وخلصت المحكمة في حكمها إلى مبدأ قانوني عام مفاده " أن الدول طبقاً للعرف الدولي والمعترف به بصورة عامة لها الحق في وقت السلم في عبور سفنها العسكرية في المضائق الدولية التي تصل بين جزأين من أعالي البحار دون الحصول على إذن مسبق من الدولة الشاطئية، شريطة أن يكون المرور بريئاً، وما لم توجد معاهدة دولية تقضي بخلاف ذلك فليس من حق الدولة الشاطئية أن تمنع المرور في المضائق الدولية في وقت السلم".

وتبعاً لذلك عرفت المحكمة في حكمها المذكور المضيق الدولي بأنه: "الممر المائي الذي يصل بين جزأين من أعالي البحار ويستخدم عادةً لأغراض الملاحة الدولية"، وبذلك أخذت المحكمة بعاملين أساسيين في آن واحد هما الوضع الجغرافي للمضيق كموصل لجزأين من أعالي البحار، واستخدامه للملاحة الدولية، وهكذا تكون المحكمة  قد استبعدت من تعريف المضائق الدولية تلك التي تصل بحراُ عالياً ببحر اقليمي.

وبناء على الظروف والدفوع التي أحاطت بالقضية توصلت المحكمة إلى أن القناة الشمالية لكورفو يجب عدها من صنف الممرات المائية الدولية، وتبعاً لذلك لم تقبل المحكمة ادعاء ألبانيا بأن حكومة المملكة المتحدة قد خرقت سيادة ألبانيا بإرسال سفن حربية في المضيق دون إذن سابق من السلطات الألبانية.

ثانياً: أنواع المرور المقرر في المضيق الدولي

انتهى الفقه الدولي إلى وجوب فتح المضائق أمام الملاحة الدولية، ومراده ألا تُمنع السفن التجارية من المرور في المضيق عندما يكون هذا الأخير يصل بين بحرين عاليين، وهذا ما ضمنه القضاء الدولي والاتفاقيات والمؤتمرات الدولية بشأن المضائق وعدم جواز إغلاق المضائق في وجه الملاحة الدولية.

ونتيجة لذلك وجب على الفقه الدولي التمييز بين نوعين من المرور في المضيق الدولي. 

النوع الأول: هو نظام المرور البريء الذي يطبق في المضائق التي تصل البحر الإقليمي لدولة أجنبية بالبحر العالي أو المنطقة الاقتصادية الخالصة. ويشمل الملاحة عبر البحر الاقليمي لغرض الاجتياز فقط دون دخول المياه الداخلية أو زيارة ميناء يقع خارج المياه الداخلية أو التوجه من المياه الداخلية وإليها إلى ميناء آخر، ويكون المرور متواصلاً وسريعاً مع أماكن التوقف أو الرسو إذا كان هناك ما يستدعي ذلك.

ويعتبر المرور بريئاً إذا كان لا يضر بسلامة الدولة الساحلية أو بأمنها، وقد أُلزمت كافة السفن التي تمارس حق المرور البريء أن تمتنع عن أي تهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد سيادة الدولة الساحلية، وتلتزم الدولة الساحلية في هذا النظام بعدم فرض شروط على السفن الأجنبية يكون أثرها العملي حرمان تلك السفن من حق المرور البريء أو تعطيل هذا الحق أو عرقلته بأي شكل من الأشكال عملاً بأحكام القانون الدولي.

النوع الثاني:هو نظام المرور العابر ويطبق على المضائق التي تصل بين بحرين عاليين أو منطقتين اقتصاديتين خالصتين، ويعني ذلك  "ممارسة حرية الملاحة أو التحليق لغرض واحد هو العبور المتواصل السريع في المضيق". وقد نصت المادة 38 من الاتفاقية الثالثة لقانون البحار على أنه: "يحوز أن يُمارس حق المرور العابر "الترانزيت" لغرض المرور من دولة مضائقية أخرى وإليها مع مراعاة شروط دخول تلك الدولة".

ويطبق نظام المرور العابر في حال كون المضيق الممر الوحيد، وإلاّ فيطبق نظام المرور البريء في البحر الإقليمي على المضيق، وفي حال كون المضيق ممراً اختيارياً لا يطبق نظام المرور العابر بل نظام المرور البريء.

 

القسم الثاني

أولاً: الوضع القانوني لمضيق هرمز

ﻤﻀﻴﻕﻫﺭﻤزﻋﺒﺎﺭﺓﻋﻥ ﻤﻤﺭﻤﺎئي ﻴﺼل ﺒﻴﻥ ﻤﺴﻁﺤﻴﻥ ﺃﻭ ﺭﻗﻌﺘﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ، ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻥﺠﻬﺔ، ﻭﺨﻠﻴﺞ ﻋﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺒﺤﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﻨﺩﻱ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ. وﻴﺭﺒﻁ ﻤﻀﻴﻕ ﻫﺭﻤﺯ ﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﺨﻠﻴﺞ ﻋُمان ﺒﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ، ﻭﻴﻘﻊ ﺍﻟﻤﻀﻴﻕ ﺒﻴﻥ ﺇﻴﺭﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎل ﻭﺍﻟﺸﻤﺎل ﺍﻟﺸﺭﻗﻲ، ﻭﻋُﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻭﺏ. ﻭﺘﺘﺄﻟﻑ ﺸﻭﺍﻁﺌﻪ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺍﻟﺸﺭﻗﻲ ﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ﻜﻴﺸﻴﻡ ﻤﻊ ﺠﺯﺭ ﻻﺭﺍﻙ ﻭﻫﻴﻨﺠﺎﻡ، ﺃﻤﺎ ﺸﻭﺍﻁﺌﻪ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻴﺔ ﻓﺘﺘﺄﻟﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺎﺤﻠﻴﻥ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﻟﺸﺒﻪ ﺠﺯﻴﺭﺓ ﻤﻭﺯﺍﻨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﺸﻤﺎل ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﺔ ﻟﻌُﻤﺎﻥ. وﻴﺒﻠﻎ ﻋﺭﺽ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻀﻴﻕ ﻓﻲ ﺨﻠﻴﺞ عُمان ﻨﺤﻭ 30 ﻤﻴﻼً  ﻓﻲ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ، ﻭﻴﻀﻴﻕ حتى ﻴﺼل ﻋﺭﻀﻪ إلى 20،75  ﻤﻴﻼً ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺠﺯﻴﺭﺓ ﻻﺭﺍﻙ ﻭﺠﺯﻴﺭﺓ كوين ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﻌﺩ حوالي 8،50 ميلاً في ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﻟﺸﺒﻪ ﺠﺯﻴﺭﺓ ﻤﻭﺯﻨﺩﺍﻡ.

تعترض اﻟﻤﻼﺤﺔ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺼﻌﻭﺒﺎﺕ ﺩاخل مضيق ﻫﺭﻤﺯ، ﻭﻻ ﺘﻭﺠﺩ ﻤﻭﺍﻨﺊ ﺃﻭ ﺃﺭﺼﻔﺔ ﻟﻠﺘﺤﻤﻴل ﻭﺍﻟﺘﻨﺯﻴل ﺇﻻّ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺭﺼﻔﺔ ﺒﺠﺎﻨﺏ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻜﻴﺸﻡ على ﺍﻟﺴﺎﺤل ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺸﺭﻗﻲ ﻟﻠﺠﺯﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﺒﺎﺴﻤﻬﺎ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺭﺼﻔﺔ ﻋﻨﺩ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺒﻨﺩﺭ ﻋﺒﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺍﻀﻲ ﺍﻹﻴﺭﺍﻨﻴﺔ، ﻜﻤﺎ ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﻤﻌﺎﻟﻡ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﻗﻴﺎﺱ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺒﺤﺭﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻤﻨﻬﺎ.

وباعتبار أن مياه الخليج العربي تعد بحراً شبه مغلق، لذلك يُعتبر مضيق هرمز المنفذ الوحيد لعدد من دول الخليج العربية ( العراق-الكويت-قطر-البحرين). وعليه خصص ممران (ذهاباً وإياباً) للملاحة في المضيق وفقاُ للخصائص الهيدروغرافية المحددة من قبل المنظمة الدولية للملاحة البحرية.

يعد مضيق هرمز واحداً من أهم الممرات المائية في العالم، وأكثرها حركة للسفن، إذ تعبره من 200-300 ناقلة نفط يومياً بمعدّل ناقلة نفط كلّ ست دقائق في ساعات الذروة محمّلة بنحو 40% من النفط المنقول بحراً على مستوى العالم. قامت إيران بهدف دعم سيطرتها العسكرية على المضيق في زمن الشاه باحتلال الجزر الإماراتية الثلاث بالقوة وهي (أبو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى) وذلك فور انسحاب القوات البريطانية أوائل السبعينات. وأقامت فيها قواعد عسكرية للسيطرة على حركة السفن في الجنوب الغربي للمضيق إلى جانب سيطرتها عليها في الشمال بواسطة القاعدة البحرية الإيرانية في مدينة بندر عباس.

ﻤﻥخلال ما سبق يتبين أنّ ﻤﻀﻴﻕ ﻫﺭﻤﺯ يقع ﺒﻴﻥ ﺃﺭﺍﻀﻲ ﺩﻭﻟﺘﻴﻥ ﻫﻤﺎ ﺇﻴﺭﺍﻥ ﻭﻋُﻤﺎﻥ، وفيﺍلوقت نفسه يربط بين جزأين ﻤﻥ ﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ وهي ﺨﻠﻴﺞ ﻋﻤﺎﻥ ﻭﻤﻴﺎﻩ ﺍلخليج ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ، ﻟﺫﻟﻙ ﺘﻨﻁﺒﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻀﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻊ ﺒﻴﻥ ﺃﺭﺍﻀﻲ ﺩﻭﻟﺘﻴﻥ. ﻓﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ الحالة ﺨﺎﻀﻌﺎً ﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺩﻭلة الساحلية ﻭﺍﺨﺘﺼﺎﺼﻬﺎ ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﺒﺤﺎﺭﻫﺎ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ، ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻁ ﺍﻟوسطي لمجرى ﺍﻟﻤﻀﻴﻕ ﺤﺴﺏ ﺍﺘﺴﺎﻉ المضيق، ولما كان ﺍﺘﺴﺎﻉ ﺍﻟﻤﻀﻴﻕ يراوح بين 20 و 32 ميلاً ﺒﺤﺭﻴﺎً فإنه يقع ضمن المياه الإقليمية ﺍﻹﻴﺭﺍﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﻨﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻭﻨﻪ ﻴﺭﺒﻁ ﺒﻴﻥ ﺠﺯﺃﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ فإنه ﻴﺨﻀﻊ ﻟﻤﺭﻭﺭ الملاحة الدولية (ﺍﻟﻤﺭﻭﺭﺍﻟﻌﺎﺒﺭ) ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺨﺫ ﺇﺠﺎﺯﺓ مسبقة من الدولتين ﺍﻟﺴﺎﺤﻠﻴﺘﻴﻥ.غيرﺃﻥّ ﺇﻴﺭﺍﻥ وﺴﻠﻁﻨﺔ عُمان ﺘﺘﻤﺴﻜﺎﻥ ﺒﺴﺭﻴﺎﻥ ﻨﻅﺎﻡ (ﺍﻟﻤﺭﻭﺭ البريء) ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻤﻥ ﻟﻬﻤﺎ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ على المضيق، ﻭﺤﻤﺎﻴﺔ أمنهما من ﺍﻷﺨﻁﺎﺭﺍﻟﺘﻲ قد تنتج عنه، في حين أن بقية الدول الخليجية الأخرى تتمسك بحق المرور العابر طبقاً للمادة (38) من اتفاقية عام 1982 لقانون البحار الذي يقترب معناه من نظام المرور الحر، ويعني ذلك إتاحة الحقّ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﻭﺭ ﺩﻭﻥ إعاقة.

وعليه نخلص إلى نتيجة مفادها أنّ ﻤﻀﻴﻕ ﻫﺭﻤﺯ باعتباره يربط بين الخليج العربي وخليج ﻋُﻤﺎﻥ، فهو بذلك يدخل ﻓﻲ نطاق المضائق اﻟﺘﻲ ﺘﺼل ﺒﻴﻥ ﺒﺤﺭﻴﻥ ﻋﺎﻤﻴﻥ ﻫﻤﺎ بحر عُمان ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺍﻟﻬﻨﺩﻱ ﻭﺍﻟﺨﻠﻴﺞﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ تقع ﻋﻠﻴﻪ دول ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ جميعها ﻤﻥ الغرب، والعراق ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻤﺎل، ﻭﺇﻴﺭﺍﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺭﻕ. ﻭﻫﻭ من الناحية القانونية ﻴﺩﺨل ﻓﻲ ﻨﻁﺎﻕ المضائق الدولية ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼل ﺒﻴﻥ ﺠﺯﺃﻴﻥ ﻤﻥ ﺃﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ، ﺃﻭ ﺒﻴﻥ ﻤﻨﻁﻘﺘﻴﻥ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺘﻴﻥ ﺨﺎﻟﺼﺘﻴﻥ، لذلك فإنه يخضع لنظام ﺍﻟﻤﺭﻭﺭﺍﻟﻌﺎﺒﺭﻭﻓﻘﺎً ﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ للبحار ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﻭﺭ ﺍﻟﺒﺭﻱﺀ.

الخاتمة

إﻥّ إغلاق ﻤﻀﻴﻕ ﻫﺭﻤﺯ ﺴﻴﺠﻌل ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ أجمع، ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﻨﻔﻁ والمستهلكة له على حدّ سواء، مخنوقة ﺍﻗﺘﺼﺎﺩياً، إذ سيكون من الصعب على الدول ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﻨﻔﻁ تعويض ما ينقل عبر مضيق هرمز من نفط يصل إلى 18 مليون برميل نفط يومياً. وإذا تمّ إغلاق المضيق مدة قصيرة، ﺭﺒﻤﺎ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻤﺤﺩﻭﺩﺓ، ولكن إذا تمّ إغلاق المضيق مدة طويلة نسبياً ﻓﺈﻥّ ﺍﻵﺜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﺫﻟﻙ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، ومن المتوقع أن يرتفع سعر برميل النفط من 200-300 دولاراً. ﻭحتّى في حال أُعيد فتح المضيق فإنّ ﻋﻭﺩﺓ ﺃﺴﻌﺎﺭ ﺍﻟﻨﻔﻁ ﺇﻟﻰ ﻭﻀﻌﻬﺎ الطبيعي ستتطلب مدة طويلة. ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥّ ﺇﻴﺭﺍﻥ ﺴﺘﺘﺄﺜﺭ ﻫﻲ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺠﺭّﺍﺀ ﺇﻏﻼﻕ ﻤﻀﻴﻕ هرمز ﻷﱠﻨﻬﺎ تعاني ﺒﺎﻟﻔﻌل ﻤﻥ ﻤﺸﻜﻼﺕ ﻨﻔﻁﻴﺔ تسويقية، ﻜﻤﺎ أنّ إقدام ﺇﻴﺭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﻏﻼﻕ ﻤﻀﻴﻕ ﻫﺭﻤﺯ ﺴﻴﺯﻴﺩ من شدّة ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌل الأمريكي الخليجي، ﻭﻗﺩ ﺘﻠﺠﺄ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺼﻑ ﺤﻘﻭل ﺍﻟﻨﻔﻁ ﻓﻲ ﺇﻴﺭﺍﻥ، ﻭﻤﻨﺸﺂﺘﻪ ﻭﻤﻭﺍﻨﺊ ﺘﺼﺩﻴﺭﻩ، ﻭﺨﻁﻭﻁ ﻨﻘﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺒﻬﺩﻑ ﺘﺩﻤﻴﺭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻻﻴﺭﺍﻨﻲ ﻭﻀﺭﺏ ﻋﺼﺏ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.

ﻟﺫﻟﻙ يستحسن للأطراف المعنية كلها أن تدرك أنّ ﺇﻏﻼﻕﻤﻀﻴﻕ ﻫﺭﻤﺯ ستكون له ﺘﺩﺍﻋﻴﺎﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺃﻤﻨﻴﺔ ﻭﻋﺴﻜﺭﻴﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﺘﺸﻤل ﺃﻏﻠﺏ الدول ﺒﻤﺎﻓﻴﻬﺎ إيران، لذلك يجب إخراج المضيق من اللعبة السياسة دون أن تُبتز إيران ببرامجها الصاروخية والنووية، وبشكل يضمن الاستقرار الملاحي في المضيق، والاقتصادي للدول التي ستتأثر وبالتالي ستشارك في أي نزاع يضر بمصالحها، فحرب المياه والمضائق لن تقتصر على الدول المتشاطئة، وإنما ستمتد أمواج التسونامي الناتجة عنها ربما لتُغرق الجميع.

 

المراجع

  1. ابراهيم العناني، قانون البحار، الجزء الأول، المبادئ العامة- ط(1) دار الفكر العربي القاهرة، 1985.
  2. علي صادق أبو هيف، القانون الدولي العام، منشأة المعارف، الاسكندرية، الطبعة الحادية عشرة، 1975.
  3.  اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982.
  4. اتفاقية جينيف للبحر الاقليمي والمنطقة المتاخمة لعام 1958.
  5. فتاوى محكمة العدل الدولية ما بين 1948 _1991.
  6. وكالات الأنباء.