هل تكون الملكية المشتركة.. بديلاً لائقاً وعادلاً للمؤخر المهين؟
هل تكون الملكية المشتركة.. بديلاً لائقاً وعادلاً للمؤخر المهين؟
لبنى حمشو
بكلمة واحدة فقدت نجمة زوجاً وبيتاً وتعب سنين.
ليست نجمة المرأة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تسلبها كلمة طالق حياتها، فهذه الكلمة تلخيص لكثير من القوانين ومكونات ثقافة المجتمع والكثير من العادات والتقاليد.
نجمة امرأة من دير الزور تزوجت بعمر السادسة عشر من ابن عمها – بالطبع - أنجبت خلال هذه السنوات خمسة ابناء وابنة. فقد كانت تعمل – كما روت لي – داخل منزلها بالتطريز وتساعد زوجها في بناء بيتهم المشترك لبنة لبنة، عملت في بيتها في السنوات الأولى فيما كانت تربي ابناءها، وعملت خارج المنزل بعد النزوح وتراجع الطلب على التطريز. وكما يحصل في المسلسلات الرديئة اكتشفت نجمة أخيراً أن زوجها وشريكها وابن عمها متزوج من أخرى منذ مدة.
لم تنجح نجمة في تقبل الأمر كما يفرض عليها واقعها ومجتمعها بأعرافه وتقاليده وثقافته وعقيدته. انتصرت كرامه الأنوثة داخل نجمة على ما تربّت عليه وما طالبها به المجتمع، فطلبت الطلاق.
حصلت عليه فيما كانت تخسر كل شيء آخر. فالشّرع والقانون والعرف يُجمعون على لوم نجمة ويعتبرون أن سداد حقوقها – كل حقوقها - يتلّخص بدفع مؤخر الصداق الذي اتفق عليه والدها وزوجها قبل عقد ونصف، بل ولها نفقة طيلة أشهر العدة الثلاثة. أما عن الأرض والبيت اللذان دفعت نصف ثمنهما على الأقل من جهدها وعملها ومساعدة أهلها الدائمة طيلة سنوات، فما من قانون أو عرف يقر بحقها فيهما طالما تم تسجيلهما باسم الزوج.
لو كانت نجمة تعيش في مجتمع آخر من تلك المجتمعات التي سبقتنا على سلّم الحضارة، لكانت حصلت على نصف البيت حتى دون أن تكون قد عملت بالتطريز.
حكاية نجمة المتكررة مع نساء كثيرات تجعل النقاش ممكناً في مفهوم الملكية المشتركة، بل وربما ضرورياً، فهضم الحقوق الذي تتعرض له الكثير من النساء في مجتمعنا، ينفي عن هذا النقاش صفة الترف الفكري أو شبهة الاستلاب للغرب، ويجعله وسيلة من وسائل إثبات الحقوق. مما يطرح ضرورة الإسراع بالمطالبة بتجاوز هذا النقص، كما حصل في الأردن حين طالب القضاء الشرعي الأردني بمشروع قانون ينظم الملكيّة المشتركة بعد الزواج، والتشابه الاجتماعي بين البلدين يشجع على التفاؤل بسلوك مشابه في سوريا.
بالمقابل نظّم القانون التونسي بنصوص واضحة هذه العلاقة حيث حدّد القانون 94 لسنة 1998 المؤرخ في 09 نوفمبر 1998 المتعلق بنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين (الملكية المشتركة) وهو نظام يختاره الزوجان عند إبرام عقد الزواج أو بعد إبرامه ويهدف إلى جعل العقارات ملكاً مشتركاً بين الزوجين متى كانت من متعلقات العائلة. ويجب على المأمور العمومي المكلّف بتحرير عقد الزواج أن يذكّر الطرفين بأحكام الفصلين الأول والثاني من هذا القانون وأن ينص على جوابهما بالعقد. وكنتيجة له تُعتبر مشتركة بين الزوجين العقارات المكتسبة بعد الزواج أو بعد إبرام عقد الاشتراك ما لم تكن ملكيّتها متأتّية إلى أحدهما بوجه الإرث أو الهبة أو الوصية وبشرط أن تكون لها صبغة سكنية. كما تُعَد كذلك مشتركة توابع ذلك العقار وغلّته مهما كانت طبيعتها. ولا يشمل نظام الاشتراك ملكيّة العقارات المعدة للاستعمال المهني البحت.
إنّ وجود مثل هذا القانون في دولة عربية يسهّل الأمر على النسويين/يات في سورية، الذين/اللواتي يُفترض أن يكونوا معنيّين/معنيّات بأهمية سنّ قانون مشابه له لدينا. مع العلم أنّه يمكن إلى حين استحداث هذا القانون الاستفادة من شروط عقد الزواج في قانون الأحوال الشخصية على وضعه الحالي في سورية، التي جاء فيها أنه بإمكان الزوج أو الزوجة أن يقيّد عقد الزواج بشروطه الخاصة التي لا تخالف الشّرع والقانون. وهذا يعني أنه من الممكن وضع شرط ضمن الشروط الخاصة ينص على تنظيم الملكيّة المشتركة وتقاسم الأملاك المتحصّلة بعد الزواج مناصفة. وهذا يتطلب نضالاً من النسويين/يّات، إن على صعيد القيام بحملات لتوضيح أهمية هذا الشرط للنساء، أو المطالبة بوضع قاعدة تجبر المأذون الشرعي على شرح أهمية هذا الشرط للمرأة قبل أخذه موافقتها على الزواج.
وهو ما يعني أنه في الوقت الذي يتعزز فيه النضال النسوي من أجل سن قوانين عادلة للمرأة، سيكون من الضروري تكثيف النضال لرفع مستوى الوعي الشعبي بشكل عام والنساء بشكل خاص لتمكينهن من الإجراءات التي تدعمهنّ بتحصيل حقوقهن، كل ما ذكرناه سابقا" يتطلب معرفة الفرص الموجودة في القانون الحالي والاستفادة منها بأوسع قدر ممكن.
وبذلك يمكن للمجتمع السوريّ أن ينصف نجمة ورفيقات نجمة، ولا يجعلها حالة متكررة كما هي الآن.